صحف الحكومة تضلل قرائها باستطلاع جعل مبارك أكثر زعيم يثق به شعبه بين شعوب العالم

يوم الأربعاء الماضي نشرت معظم الصحف المصرية تقريراً نقلاً عن وكالة أنباء الشرق الأوسط -حول استطلاع رأي عالمي أجرته منظمة الرأي العام العالمي علي عينة مكونة من 19751شخصاً في 20 دولة تمثل 60 % من سكان العالم انتهي إلي أن الرئيس «حسني مبارك» هو أكثر زعيم يثق به شعبه من بين زعماء الدول التي شملها الاستطلاع. وأشارت الصحف- نقلاً عن الوكالة أيضاً إلي أن مجلة «النيوزويك» سوف تنشر الاستطلاع بما يعطي له أهمية معنوية، وعلمية. وبالطبع توسعت بعض الصحف وجعلت من هذا الاستطلاع موضوعها الرئيسي في الصفحة الأولي مجاملة منها للرئيس وهي لا تعلم أنها تسهم في واحدة من عمليات تضليل القراء المتعددة التي تقوم بها هذه الصحف.

ومن طالع عدد النيوزويك سواء بطبعتها الدولية التي تصدر بالإنجليزية أو بطبعتها العربية التي تصدر في الكويت عن دار «الوطن للصحافة» وتوزع بالقاهرة صباح كل أربعاء سيكتشف دون أي عناء أن الوكالة أقحمت اسم الرئيس مبارك في استطلاع رأي لم يذكر فيه علي الإطلاق، حيث لم يذكر اسم الرئيس مبارك في النيوزويك علي الإطلاق وجاء اسم مصر في موضعين فقط في القصة الإخبارية المتعلقة بالاستطلاع الأول جاء فيه بالنص:«وفي الإجمال، صدرت الإجابات الأكثر تململاً عن العرب ـــ الفلسطينيين والأردنيين والمصريين ـــ الذين يعيشون جميعهم في اقتصادات محتضرة في ظل حكومات فاسدة وغير فعالة تحمل الخارج مسئولية وضعها»، وهو ما يتنافي تماماً مع ما يراه المصريون أن رئيسهم هو الأكثر ثقة من بين زعماء العالم. أما الموضع الثاني فكان تعليقاً علي ثلاث صور نشرت في الطبعتين العربية والدولية وجاء نصه:«يلومون الجميع: البلدان الأكثر تململاً هي الدول العربية حيث يشعر المواطنون«كما في مصر » بأنهم متروكون في حكوماتهم» وهو ما يعني أن النساء اللاتي نشرت صورهن لسن راضيات عن حكم الرئيس الأكثر شعبية في العالم. ويوجد في الاستطلاع إحصاء خاص بالبلدان المتململة جاءت فيه مصر في المركز الثالث بعد الأراضي الفلسطينية والأردن وتليها كل من تركيا و الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا والمكسيك والمملكة المتحدة والأرجنتين وآخرها الصين.

والزعماء الذين جاءوا في الاستطلاع باعتبارهم القادة الذين تحبونهم، حيث طرحت المجلة سؤالاً علي المشاركين عن مقدار الثقة الذي يولونه لكل قائد للقيام بالصواب فيما يتعلق بالشئون الدولية وجاء الترتيب علي النحو التالي:الرئيس الروسي السابق «فلاديمير بوتن» يليه رئيس الوزراء البريطاني «جوردون براون» ثم كل من: الزعيم الصيني «هوو جيتناو»، فالرئيس الفرنسي« نيكولا ساركوزي»، فالرئيس الامريكي «جورج بوش» وفي النهاية الرئيس الإيراني «أحمدي نجاد». وهو نفس الترتيب.

وسيرا علي نهجها في تضليل القراء نشرت الصحف القومية المصرية جدولا باللغة الإنجليزية وكأنها ليست لديها أقسام للشئون الخارجية تترجمها للقراء تضمن أسماء لزعماء في منطقة الشرق الأوسط فقط عرفنا فيما بعد أنه جزء من الاستطلاع حول ثقة المصريين حول حكام المنطقة فقط وليس حول زعماء العالم، كما ذكرت الصحف، حيث جاء الرئيس «مبارك» في المقدمة يليه الرئيس السوري «حافظ الأسد» ثم الملك «عبد الله» ملك الأردن ثم «محمود عباس» فأمين عام حزب الله «حسن نصر الله» ورئيس الوزراء التركي «رجب طيب أردوغان» ورئيس الوزراء العراقي «نوري المالكي»، وهذه الأسماء ترجمتها ليست صعبة ولكن إصرار الصحف القومية علي أن تعطي للاستطلاع ونتائجه بعداً دولياً هو السبب في نشره باللغة الإنجليزية. والنتيجة الخاصة بمبارك في هذا الجزء الذي لم ينشر في النيوزويك بطبعتيها العربية والإنجليزية ليس مفاجأة لأن المصريين هم الشعب العربي الوحيد الذي شارك في هذا الاستطلاع. والسؤال: ماذا أفادت الصحف القومية الرئيس «مبارك» أو وكالة أنباء الشرق الأوسط من تزييف هذا الاستطلاع، أكثر من أنها تقدم دليلاً جديداً علي فقدانها المصداقية وعلي عدم مراعاتها التقاليد المهنية الواجبة في الموضوعات التي تبثها أو تنشرها.